3

سائق المترو العجوز







لا يذكر سائق المترو العجوز متى إستغنى تماماً عن النظر إلى اللوحات المعدنية الكبيرة التى تحمل اسماء المحطات مكتفياً بالإستماع إلى صوت الإحتكاك بين العجلات والقضبان الحديدية للتعرف على محطاته ..

بالنسبة له .. كان لكل محطة صوت احتكاك مميز ..تلتقطه أذناه . وعلى كل حال .. هو لم يكن فى حاجة أبداً لأن يعرف المحطات .. فطوال سبعين عامأً مضت .. لم يتوقف لحظة إلا لينطلق .. لم تكن كلمات مثل "النهاية" و "البداية" ..تعنى له شيئاً .. لأنه أصلاً لم يكن قد جربها من قبل ..
إنعدم عنده الإحساس بكلمة "أخيراً " .. لأنه كان بلا هدف.

بدأ هذا عندما كان صغيراً .. كان مساعداً للسائقين .. لم يكن له حياة سوى هذه.. لم يعرف مكاناً غير غرفة القيادة الضيقة تلك .. تمنى دوماً أن يمسك مقود القاطرة .. ويلمس تلك الأزرار الملونة .. تمنى أن يداعب ذلك الذراع .. ليسمع صوت السارينة الشجى .. لكن السائقين لم يسمحوا له أبداً ..فكر ذات مرة أن يتسلل إلى أحدى القاطرات المتوقفة فى وقت الراحة . .ويقوده ..لكنه لم يجرؤ أبداً أن يفعلها .. ومع ذلك فقد كان واثقاً أنه يوماً ما سيقود القطار.


وذات يوم .. بينما يجلس وحيداً .. جاءه رجل غريب .. له ملامح تليق بساحر أو عراف .. أدهشه أن الرجل كان يعرف كل شئ .. كان يعرف حلمه .. قال له .. " أستطيع أن أحقق لك حلمك .. بأن تقود المترو .. لكنك ستبقى هناك إلى الأبد .. لن يكون لك مساعداً .. ولن تتوقف أبداً . . ستكون بدايتك حيث تنتهى .. والنهاية .. ستكون دوما هى البداية"


وقتها .. لم يفكر كثيراً .. كان يرى حلمه أمام عينيه .. وكان يرغب فقط فى تحقيقه .. شعر ساعتها بفرحة طاغية .. أمسك المقود .. وأنطلق فى رحلته الأولى .. لم يفكر أنها لعنة.. ولم يكن يعرف أنه سيبقى الى الأبد فى رحلة لا تنتهى .. طوال سبعين عاماً .. لم يصل ابداً إلى نهاية .. كان كلما إقترب من محطة النهاية ممنياً نفسه بالتوقف .. يجد النهاية وقد انقلبت .. ليبدأ من جديد

طوال هذه الأعوام .. ركب قطاره ملايين البشر .. كل منهم وصل لهدفه .. كلهم انتهى الى نهاية ما .. وحده كان باقياً هناك .. فى لعنته الأبدية .. بلا نهاية

لكنه أخيراً .. قرر أن يضع حداً للعنة .. قرر أن ينهى هذه الرحلة .. أن يرى النهاية بأى طريقة .. حتى لو كان الموت هو النهاية ..

واصل الإستماع إلى صوت إحتكاك العجلات بالقضبان .. حتى إقترب المترو من النقطة التى سيبدأ عندها من جديد .. زاد السرعة .. زادها بجنون .. فتح الباب الصغير المجاور له.. نظر فى شرود الى المصابيح الصغيرة المتباعدة التى تحاول جاهدة أن تضئ ظلام الأنفاق .. ثم ألقى نظرة سريعة الى الأرض التى تركض تحت القطار .. والتفت ليلقى نظرة على غرفة القيادة التى احتضنته طوال عمره .. ثم .. مع أول بصيص ضوء ظهر من المحطة القادمة بسرعة ......... قفز




الجمعه 8/5/2005

فى 7:21 pm
2

عُودَا لِبعْضٍ ...




اختلف الأمرُ كثيراً هذه المرة

اشتعلتما حد الاحتراق
صرتما على شفا الانفجار
ان لم تكونا قد انفجرتما بالفعل


يقولُ أمل :
"كيف تنظُر فى عينىِّ امرأة .. أنتَ تعلمُ أنكَ لا تستطيعُ حمايتها .."

وأقولُ أنا :
"كيفَ تنظُر فى عينىَّ امرأةٍ ... أنت تعرف .. أنها لم تعُد تراكَ فارسها فى الغرام"

لم تعُد أنتَ أنتْ ..
ولم تعُد هىَ.

كُنتما قد اقتربتما حدَّ التوحُّد .. والآن لا اعلم أينَ وصلتما فى البعاد

صارت لحظاتُكما معاً ... خليطٌ من ظلامٍ وظلام
،،
ومضاتُ نورٍ قليلة تسطع
من حينٍ لآخر
هُنا أو هُناكْ
لكنها لا تكفى.

،،،
احساسٌ بالخطر يتصاعد فى الاعماق
××
الألم

الحُزن
الوحدة ..
الوحدة التى لم يحُسها يوماً منذ اصبحتما .... سوياً

صارت شعوراً ممضاً .. بارداً
يكسو رُوحه


يصمِتُ حيناً .. ويُغمضُ عيناهُ ويتذكر
.. يراكـِ كما أنتِ
حقيقية

عندما كان الغضبُ بعيداً

يراكـِ كما يُحبُ دوماً أن يراكِ
وكما ...

لم يعُد

يـ.....

///

لم يعُد بالقلبِ تلك الخلجة التى كانت تُحييه
هو يعرِف انها لا زالت هُناك
لم تذهب للأبد ...
لم يحِن الوقت أصلاً كى تنقضى

ولكنها اختفت تحتَ أكوام الجفاء
كل يوم

جـ ـ ــ ـ ـفاء

،،
شجار .. شجار ,, شجار
،،
لا مجال لكى تظهر ..

يفتحُ عينيه مُجبراً ..

تدوى كلمات آخر .. .... شجار
فى أُذنيهِ

هو أخطأ ::
أنت اخطأتِ

هو تمادى ....
انتِ .......

لا مجالَ للعفو

هو أخطأ .... أنت تماديتِ

هو يتمنى ...
أنتِ ترفضين.


هو يحنى رأسه ...

مرة

اثنتان

ثلاثة


أنت .... تُسامحين

أو هكذا .. كنتِ تقولين حينها

لتأتى الآن وتقولى ...

كل هذا " كان هباءاً منثورا "

ألم ... ألم .. ألم

غُصة تتعالى ...
،،،،

يُغمضُ عينيه مجدداً

أنتِ هُناك

كما أنتِ

حقيقية

كما أرادك دوماً

كما رآك دوماً

أنت هى

وهوَ .. هوَ


يتعالى صوتُ موسيقى ،،

"عودا لبعضٍ .. أو انفصلا ...الى الأبدِ"

عودا لبعضٍ.. أو

عودا لبعضٍ....


لا احتمالات أُخرى



4:38 مساءاً
14 نوفمبر 2010

sakaker

.

.

Back to Top