0

يوميات عاقل .... مجنون


.
.
.
أميرتى الأندلسية .. جائت الليلة .. بعد سفر طويل ،، تركت غرناطة ، وقُرطُبة ، وبلنسية ... تركت قُصور الأندلس .. وقلاعها ، وجنانها .. ومُلكُ أبيها .. صاحب غرناطة العظيم .. وجائت هُنا ،، وَحدها .. فقط .. مع فرسِها الأسود .. إلى قبوى المظلم الرطب



هى .. فارسة الأندلس الأولى .. وقائدة جيوش أبيها .. وولية عهده .. ،،، تركت كُل هذا .. وجائتنى .. لذا أعتقد أنها -على الأقل - تستحقُ أن أُحدثكم قليلاً عنها .. ولكن ... إسمحوا لى .. لن أمنحها أسماً .. ليس لأنها لا تملك واحداً ! وإنما .. رغبةً منى فى منحِ الأمر بعضاً من خصوصيةٍ إفتقدها لأنى ثرثارٌ بطبعى .. لذا .. لا تطلُبوا منى اسماً .



إستطردتُ كثيراً .. دعونى إذن أدخُل فى الموضوع مباشرةً .. وأُحدثكُم عنها .. هى التى تُحب أن يراها الآخرون دوماً جميلة .. فلا تنام إلا وقد نُثرت حولها الأزهار .. خجولة .. فلا تبعث علامات غزل .. يستطيع البشر التقاطها .. كل ليلة .. تنشُر أجنحتها الذهبية .. وتحمل عصاها السحرية ... وتصحب صديقاتها النجمات وتدور فى سماء الأندلس .. مع السحابات البيض .. تنشُر السعادة ، والحُب ، والجمال .



تُشبه الموناليزا كثيراً ... ولكن مع تجارب أكثر فى الحياة .. وابتسامة أكثر حياة .. تَعشق الحُب .. فترتشفه حتى آخر قطرة .. ... تعشق ... بحماسة الدروايش ، وجنون العُذريين .. كيف لا وهى زعيمتهُم .. وكبيرتهم ؟؟!!!!

تعرف أن دربَ الحُب لا يسمح للمرء الا بالسير وحيداً .. -إلا فيما ندر- ولكنها تُصرُ أن نمشيهِ سوياً .... لهذا جائت!!

تمقت الموسيقى المزعجة .. وترفُض السُكنى فى تلك الشوارع الضيقة المرصوفة بالأحجار .. تكره تلك الشوارع الخالية من الأشجار .. المحاصرة بالحوائط المملة .. من كل جانب ... ،، لذا .. كانت تخرج كل ليلة .. بعد أن تغفو الأندلس .. وتملأ الجُدران بكتابات بالطبشور الملوّن -ليس الأبيض - فهى تعشق الألوان .. وتُحبُ أن تخلطها ببعضها .. بفرشاتها المسحورة .. التى منحتها لها يوماً عَرافة .. إلتقتها عند جبل طارق .. وأخبرتها أنها كلما ضربت بفرشاتها .. . فأخرجت لوناً جديداً ... ظهرَ هذا اللون فى قوس قزح .. حدث هذا قديماً .. عندما كان قوس قزح .. لونان فقط ... أما اليوم .. فقد أصبح القوسُ سبعة ألوان .




تركت أميرتى كُل هذا .. وجائتنى هُنا .. هُنا فقط .. حيثُ يحدُث كل شئ بلا تفسير .. .. هُنا فقط يبدأ الكلام بالهمس ... ثُم يعلو ... هُنا فقط .. يُمكن أن يختلط الهمس بالصوت العالى.



و ش ش ش ش ش ش ش ش
أنتم هُناك .. إصمتوا .. أنا أراكم .. أراكم بوضوح ... تنظُرون لبعضكم .. بلا كلمات .. تُحكمون وضعَ عويناتكم السميكة .. تتبادلون تلك الوريقات البيض امامكم .. مع النظرات .. تمررونها بينكم .. تعتقدون أنى لا أراها .. أرى تلك الكلمة المكتوبة فوقها بوضوح ..."مجنون"

لمَ تظُنون أنى مجنون ..؟؟!! أُخبركم لمرة الألف .. هذا ليس جُنوناً .. صدقونى .. ليس جُنون .

هى هُنا فعلاً .. ألا ترونها ... ألا تسمعون صهيل الفرس الأسود خارج النافذة ..؟؟!! ألا تشمون رائحة عطرها الأندلسى العتيق ؟!!

وتتهموننى بالجنون ..!!

لو أن جنونى يمنحنى كُل هذه الراحة .. وهذا الخُدر اللذيذ .. إذن اسمحوا لى أن أسقط فى بئر الجنون الأبدى إلى الأبد .. ولا تُنقذونِ.

sakaker

.

.

Back to Top